Tuesday, July 6, 2010

Hamed Nasr Abu Zayd dies age 67, Cairo 5-July-2010

نصر حامد أبو زيد صديق في الضـوء
أدونيس

أستعين ببصيرة المتنبي، لأصف موت الصديق نصر حامد أبو زيد بأنه «نوع من القتل». لا غيلة. بل في الساحة العامة. في أوج المعترك. حيث تهجم القيود من كل صوب، وتتواشج، وتتآلف وتتحد. حيث تئن الحريات تحت ثقل الجراح. وتضطرب منهكة، تائهة.
صحيح ان الخروج من الساحة انحياز الى طمأنينة الحياة. غير ان الحياة هنا «مجلوبة بتطرية» السلاطين من كل نوع. صحيح كذلك ان البقاء فيها غواية في مستوى الطفولة، غير انها غواية تختزن موتاً مجلوباً بالعذاب، والحيرة، وفتنة اليأس.
بلى، صار لليأس، حتى اليأس، فتنته الخاصة في هذا الزمن الثقافي العربي الذي يسير نحو المستقبل في موكب من القشّ.
ينتمي فكر نصر حامد أبو زيد الى سلالة معرفية عربية لا تزال في بدايات نشوئها. في التأسيس لهذه البدايات، اختلفنا حيناً، واتفقنا غالباً. بيني وبينه وحدة في الطريق، وتباين في الخطوات. صديق في الضوء، ومنافس في الطريقة التي نشعل بها القناديل. كان أكثر ميلاً مني الى أن يتسق، وكنت ولا أزال أكثر ميلاً الى أن أخترق. ما يولّد «الانسجام»، لا يقدم إلا مشهداً، خاوياً في الأغلب الأعم، كما علّمتنا التجارب. الأساس هو ما يتوهّج داخل الرأس، فهو وحده الذي يخلق ويبني. لا يقاس الفضاء بالثوب الذي يرتديه، وإنما يقاس بالضوء الذي فيه.
يكفي أن نقلّب من تاريخ العقل عند العرب بضع أوراق لكي نلحظ خواء «الانسجام» ـ خواء «المشهد» و«المنظر» في فضاء هذا التاريخ، الحاضر، بخاصة، ولكي ندرك الهوة الساحقة السحيقة التي يقودنا نحوها هذا الحاضر العربي «المنسجم». يكفي لكي ندرك أيضاً ان هذا الصديق الذي يفارقنا. عقدة متينة في الحبل الذي نمسك به لكي لا نسقط نهائياً. عقدة البحث الذي يرجُّ المسلمات واليقينيات، ويقذف بنا في فضاء المعرفة، وبهاء الكشوفات. عقدة السؤال الذي يحررنا من الأجوبة السائدة والتي لم تعد إلا طبولاً لغوية، ويفتح أمامنا أفق المعنى.
توفي المفكر المصري نصر حامد أبو زيد أمس في مستشفى مدينة 6 أكتوبر غربي القاهرة، عن 67 عاماً، بعد صراع مع مرض غامض

نصـر حامـد أبـو زيـد بطـل التمـرد والنضـال الفكـري والحريـة حتـى المـوت
كانت وفاة نصر حامد أبو زيد في مصر البلد الذي خرج منه طريداً منبوذاً ويستقبله ميتاً. رفضه حياً ويسترده جسداً هامداً. الحُرم الذي ضرب على نصر حامد أبو زيد لم يكن أقل من إعدام. حكم التطليق لا يخرجه من الدين ولكن أيضاً من الإنسانية، إنه تجريد من حقوقه

No comments: